برأيهم وتحكماً على كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بعقول ضعيفة وأفهام سخيفة، فقالوا: لا يجوز في حكم الله تعالى وعدله أن يضع سيئات من اكتسبها على من لم يكتسبها ويؤخذ حسنات من عملها فتعطى من لم يعملها، وهذا زعموا جوراً وأولوا قول الله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} فكيف تصح هذه الأحاديث وهي تخالف ظاهر القرآن وتستحيل في العقل؟ .

والجواب: أن الله سبحانه وتعالى لم يبن أمور الدين على عقول العباد، ولم يعد ولم يوعد على ما تحملته عقولهم ويدركونها بأفهامهم، بل وعدوا وعداً بمشيئته وإرادته وأمر ونهي بحكمته، ولو كان كلما لا تدركه العقول مردوداً لكان أكثر الشرائع مستحيلاً على موضوع عقول العباد، وذلك أن الله تعالى أوجب بخروج المني الذي هو طاهر عند بعض الصحابة وكثير من الأئمة، وأوجب غسل الأطراف من الغائط الذي لا خلاف بين الأئمة وسائر من يقول بالعقل وغيره في نجاسته وقذارته ونتنه، وأوجب بريح يخرج من موضع الحدث ما أوجب بخروج الغائط الكثير المتفاحش، فبأي عقل يستقيم هذا وبأي رأي تجب مسواة ريح ليس لها عين قائمة بما يقوم عينه وتزيد على الريح نتناً وقذراً، قد أوجب الله قطع يمين مؤمن بعشرة دراهم، وعند بعض الفقهاء بثلاثة دراهم ودون ذلك، ثم سوى بين هذا القدر من المال وبين مائة ألف دينار، فيكون القطع فيهما سواء، وأعطى الأم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015