وكم من عمل ظننت أنه سلم لك وخلص فرده عليك في ذلك الموقف وأحبطه بعد أن كان أملك فيه عظيماً، فيا حسرة قلبك ويا أسفك على ما فرطت فيه من طاعة ربك {فأما من أوتي كتابه بيمينه} فعلم أنه من أهل الجنة {فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه} وذلك حين يأذن الله فيقرأ كتابه.
فإذا كان الرجل رأساً في الخير يدعوا إليه ويأمر به ويكثر تبعه عليه دعي باسمه واسم أبيه فيتقدم، حتى إذا دنا أخرج له كتاب أبيض بخط أبيض في باطنه السيئات وفي ظاهره الحسنات، فيبدأ بالسيئات فيقرؤها فيشفق ويصفر وجهه ويتغير لونه، فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه هذه سيئاتك وقد غفرت لك، فيفرح عند ذلك فرحاً شديداً، ثم يقلب كتابه فيقرأ حسناته فلا يزداد إلا فرحاً، حتى إذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه هذه حسناتك قد ضوعفت لك فيبيض وجهه، ويؤتى بتاج فيوضع على رأسه ويكسى حلتين ويحلى كل مفصل فيه وبطول ستين ذراعاً وهي قامة آدم ويقال له: انطلق إلى أصحابك فبشرهم وأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا فإذا أدبر قال {هاؤم اقرؤوا كتابيه * إني ظننت أني ملاق حسابيه} قال الله تعالى {فهو في عيشة راضية} أي مرضية قد رضيها {في جنة عالية} في السماء {قطوفها} ثمارها وعناقيدها {دانية} أدنيت منهم فيقول لأصحابه هل تعرفونني؟ فيقولون قد غمرتك كرامة الله من أنت فيقول أنا فلان ابن فلان ليبشر كل رجل منكم بمثل هذا {كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية} أي قدمتم في أيام الدنيا.
وإذا كان الرجل رأساً في الشر يدعو إليه ويأمره به فيكثر تبعه عليه