الصغار بعد عتوهم والذلة بعد تجبرهم على عباد الله في أرضه.
ثم أقبلت الوحوش من أماكنها منكسة رؤوسها بعد توحشها من الخلائق وانفرادها ذليلة من هول يوم النشور من غير ريبة ولا خطية أصابتها حتى وقفت من وراء الخلق بالذلة والانكسار لذلك الجبار، وأقبلت الشياطين بعد تمردها وعتوها خاضعة ذليلة للعرض على الملك الديان، حتى إذا تكاملت عدة أهل الأرض من إنسها وجنها وشياطينها ووحوشها وسباعها وأنعامها وهوامها تناثرت نجوم السماء من فوقهم وطمست الشمس والقمر فأظلما عليهم ومارت سماء الدنيا من فوقهم فدارت من فوقهم بعظمها فوق رؤوسهم وهي خمسمائة عام فيا هول صوت انشقاقها في سمعهم وتمزقت وتفطرت لهول يوم القيامة من عظم يوم الطامة ثم ذابت حتى صارت مثل الفضة المذابة كما قال الجبار تبارك وتعالى {فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان} وقال {يوم تكون السماء كالمهل * وتكون الجبال كالعهن} أي كالصوف المنفوش وهو أضعف الصوف وهبطت الملائكة من حافاتها إلا الأرض بالتقديس لربها فتوهم انحدارهم من السماء لعظم أجسامهم وكثرة أخطارهم وهول أصواتهم وشدة فرقهم من خوف ربهم فتوهم فزعك حينئذ وفزع الخلائق لنزولهم مخافة أن يكونوا قد أمروا بهم فأخذوا مصافهم محدقين بالخلائق منكسي رؤوسهم العظيم هول يومهم قد تسربلوا أجنحتهم ونكسوا رؤوسهم بالذلة والخضوع لربهم، وكذلك ملائكة كل سماء إلى السماء السابعة قد أضعف أهل كل سماء على أهل السماء الذين قبلهم في العدة وعظم الأجسام والأصوات حتى إذا وافى الموقف أهل السموات السبع والأرضين السبع كسيت الشمس حر عشر سنين، ثم أدنيت من الخلائق قاب قوسين أو قوس فلا ظل ذلك اليوم إلا ظل عرش الرحمن فمن بين مستظل بظل العرش وبين مضح بحر الشمس