قلت: ومما يدل على قول الجماعة مما يواقف حديث عائشة وابن عباس قوله الحق: {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة} وقوله: {كما بدأكم تعودون} ولأن الملابس في الدنيا أموال ولا مال في الآخرة زالت الأملاك بالموت وبقيت الأموال في الدنيا وكل نفس يومئذ، فإنما يقيها المكاره ما وجب لها بحسن عملها أو رحمة ميتدأة من الله عليها.
فأما الملابس فلا غنى فيها يومئذ إلا ما كان من لباس الجنة على ما تقدم في الباب قبل.
وذهب أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة إلى «حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بالغوا في أكفان موتاكم فإن أمتي تحشر بأكفانها وسائر الأمم عراة» ورواه أبو سفيان مسنداً.
قال المؤلف رحمه الله: وهذا الحديث لم أقف عليه.
والله أعلم بصحته، وإن صح فيكون معناه فإن أمتي الشهداء تحشر بأكفانها حتى لا تتناقض الأخبار والله أعلم.
ولا يعارض هذا الباب ما تقدم أول الكتاب من أن الموتى يتزاورون في قبورهم بأكفانهم، فإن ذلك يكون في البرزخ، فإذا قاموا من قبورهم خرجوا عراة ما عدا الشهداء، والله أعلم.