فصل: قال علماؤنا: وإنما حادت به البغلة لما سمعت من صوت المعذبين وإنما لم يسمعه من يعقل من الجن والإنس لقوله عليه الصلاة والسلام: «لولا أن لا تدافنوا» الحديث.
فكتمه الله سبحانه عنا حتى نتدافن بحكمته الإلهية ولطائفه الربانية لغلبة الخوف عند سماعه، فلا نقدر على القرب من القبر للدفن أو يهلك الحي عند سماعه.
إذ لا يطاق سماع شيء من عذاب الله في هذه الدار.
لضعف هذه القوى، ألا ترى أنه إذا سمع الناس صعقة الرعد القاصف، أو الزلازل الهائلة هلك كثير من الناس، وأين صعقة الرعد من صيحة الذي تضربه الملائكة بمطارق الحديد التي يسمعها كل من يليه؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم في الجنازة: «ولو سمعها انسان لصعق» .
قلت: هذا وهو على رؤوس الرجال من غير ضرب ولا هوان.
فكيف إذا حل به الخزي والنكال واشتد عليه العذاب والوبال؟ فنسأل الله معافاته ومغفرته وعفوه ورحمته بمنه.
حكاية: قال أبو محمد عبد الحق: حدثني الفقيه أبو الحكم بن برجان ـ وكان من أهل العلم والعمل رحمه الله ـ أنهم دفنوا ميتاً بقريتهم من شرق إشبيلية.
فلما فرغوا من دفنه قعدوا ناحية يتحدثون ودابة ترعى قريباً منهم.