قال: قلت: يا جبريل وما ذاك؟ قال: منكر ونكير يأتيان كل إنسان من البشر حين يوضع في قبره وحيداً فقلت: يا جبريل صفهما لي.
قال: نعم من غير أن أذكر لك طولهما وعرضهما.
ذكر ذلك منهما أفظع من ذلك غير أن أصواتهما كالرعد القاصف، وأعينهما كالبرق الخاطف، وأنيابهما كالصياصي، يخرج لهب النار من أفوامهما، ومناخرهما ومسامعهما، يكسحان الأرض بأشعارها، ويحفران الأرض بأظفارهما مع كل واحد منهما عمود من حديد، لو اجتمع عليه من في الأرض ما حركوه يأتيان الإنسان إذا وضع في قبره وترك وحيداً يسلكان روحه في جسده بإذن الله تعالى ثم يقعدانه في قبره فيتنهرانه انتهاراً يتقعقع منه عظامه وتزول أعضاؤه من مفاصله فيخر مغشياً عليه.
ثم يقعدانه فيقولان له: إنك في البرزخ فاعقل حالك، واعرف مكانك، وينتهرانه ثانية.
ويقولان: يا هذا ذهبت عنك الدنيا وأفضيت إلى معادك فأخبرنا من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فإن كان مؤمناً بالله لقنه الله حجته فيقول: الله ربي ونبيي محمد، وديني الإسلام، فينتهرانه عند ذلك انتهاراً يرى أن أوصافه تفرقت وعروقه قد تقطعت ويقولان له: يا هذا انظر ما تقول فيثبته الله عنه بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويلقنه الأمان ويدرأ عنه الفزع، فلا يخافهما، فإذا فعل ذلك بعبده المؤمن استأنس إليهما