وأما قوله في الراعيين حتى إذا بلغا ثنية المداع خرا على وجهيهما فقيل سقطا ميتين.
قال علماؤنا: وهذا إنما يكون في آخر الزمان وعند انقراض الدنيا بدليل ما قال البخاري في هذا الحديث: آخر من يحشر راعيان من مزينة.
قيل: معناه آخر من يموت فيحشر، لأن الحشر بعد الموت، ويحتمل أن يتأخر حشرها لتأخر موتهما.
قال الداودي أبو جعفر أحمد بن نصر في شرح البخاري له: وقوله الراعيين ينعقان بغنمهما يعني يطلبان الكلأ.
وقوله: وحشا يعني خالية، وقوله ثنية الوداع يعني موضعاً قريباً من المدينة مما يلي مكة.
وقوله: خرا على وجهيهما يعني أخذتهما الصعقة حين النفخة الأولى وهو الموت.
وقوله: آخر من يحشر يعني أنهما بأقصى المدينة فيكونان في أثر من يبعث منها ليس أن بعض الناس يخرج بعد بعض من الأجداث إلا بالشيء المتقارب يقول الله تعالى: {إن كانت إلا صيحة واحدةً فإذا هم جميع لدينا محضرون} .
وقوله النبي صلى الله عليه وسلم «يصعق الناس فأكون أول من تنشق عنه الأرض، فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي أو كان من الذين استثنى الله» .
وقال شيخنا أبو العباس القرطبي: ويحتمل أن يكون معناه آخر من يحشر إلى المدينة أي يساق إليها، كما في كتاب مسلم رحمه الله تعالى.
قال المؤلف رحمه الله: وقد ذكر ابن شبة خلاف هذا كله، فذكر عن حذيفة بن أسيد قال: آخر الناس يحشر رجلان من مزينة يفقدان الناس، فيقول أحدهما لصاحبه: قد فقدنا الناس منذ حين انطلق بنا إلى شخص بني فلان،