مقبرة باب الصغير، وقد بلغ سبعاً وثلاثين سنة فكانت ولايته ثلاث سنين وثمانية أشهر واثني عشر يوماً.
فصل:
وأما قوله: «تتركون المدينة» حدثنا المخاطب فمرداه غير المخاطبين، لكن نوعهم من أهل المدينة أو نسلهم وعلى خير ما كانت عليه فيما قبل، وقد وجد هذا الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أنها صارت بعده صلى الله عليه وسلم معدن الخلافة وموضعها، ومقصد الناس وملجأهم معلقهم حتى تنافس الناس فيها وتوسعوا في خططها وغرسوا وسكنوا منها ما لم يسكن قبل، وبنوا فيها وسيدوا حتى بلغت المساكن أهاب، فلما انتهت حالها كمالاً وحسناً تناقص أمرها إلى أن أقفرت جهاتها بتغلب الأعراب عليها وتوالي الفتن فيها، فخاف أهلها وارتحلوا عنها وصارت الخلافة بالشام، ووجه يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة المزي في جيش عظيم من أهل الشام، فنزل بالمدينة فقاتل أهلها فهزمهم وقتلهم بحرة المدينة قتلاً ذريعاً واستباح المدينة ثلاثة أيام، فسميت وقعة الحرة لذلك، وفيه يقول الشاعر: