وفي صحيح البخاري في المناقب عن أنس بن مالك: أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين، فجعل في طست فجعل ينكت وقال في حسنة شيئاً فقال أنس: كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مخضوباً بالوسمة.
يقال: نكت في الأرض إذا أثر فيها، ونكت بالحصباء إذا ضرب بها، وكان الفاسق يؤثر في رأسه المكرم بالقضيب، وأمد عبيد الله بن زياد من قور الرأس حتى ينصب في الرمح، فتحاماه أكثر الناس، فقام رجل يقال له طارق بن المبارك بل هو ابن المشؤوم الملعون المذموم فقوره ونصبه بباب دار عبيد الله، ونادى في الناس وجمعهم في المسجد الجامع وخطب الناس خطبة لا يحل ذكرها، ثم دعا بزياد ابن حر بن قيس الجعفي فسلم إليه رأس الحسين ورؤوس أخوته وبنيه وأهل بيته وأصحابه، ودعي بعلى بن الحسين فحمله وحمل عماته وأخواته إلى يزيد على محامل بغير وطاء، والناس يخرجون إلى لقائهم في كل بلد ومنزل، حتى قدموا دمشق ودخلوا من باب توما وأقيموا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي، ثم وضع الرأس المكرم بين يدي يزيد فأمر أن يجعل في طست من ذهب وجعل ينظر إليه ويقول هذه الأبيات:
صبرنا وكان الصبر منا عزيمة ... وأسيافنا يقطعن كفا ومعصما
نعلق هاماً من رجال أعزة ... علينا وهم كانوا أعق وأظلما
ثم تكلم بكلام قبيح وأمر بالرأس أن تصلب بالشام، ولما صلبت أخفى خالد بن عفران شخصه من أصحابه، وهو من أفاضل التابعين فطلبوه شهراً حتى وجدوه فسألوه عن عزلته فقال: ألا ترون ما نزل بنا: