إنّ الغدر ليس من شأننا، فقالت المرأة بعد: ما رأيت أسيرا قطّ خيرا من خبيب، لقد رأيته وما بمكة من ثمرة وإنّ في يده لقطفا من عنب يأكله إن كان إلّا رزقا رزقه الله خبيبا. ولما خرج بخبيب من الحرم ليقتلوه قال: ذروني أصلّ ركعتين، ثم قال: لولا أن يقال جزع لزدت، وما أبالي على أيّ شقّيّ كان مصرعي، وقال: [من الطويل]
وذلك في ذات الإله ولو يشا ... لبارك في أوصال شلو ممزّق
اللهم أحصهم عددا، وخذهم بددا، ولا تفلت منهم أحدا.
وأخبر عون بن أمية عن أبيه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعثه وحده عينا إلى قريش، قال: فجئت إلى خشبة خبيب وأنا أتخوّف العيون، فرقيت إليها فحللت خبيبا فوقعت إلى الأرض، فاستدرت غير بعيد ثم إني التفتّ فلم أر لخبيب أثرا، فكأنما الأرض ابتلعته، فلم تذكر لخبيب رمّة حتى الساعة.
وبعث صفوان بن أمية مولى له يقال له نسطاس، فأخرج زيد بن الدّثنّة من الحرم ليقتله، واجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان حين قدّم ليقتل: أنشدك يا زيد أتحبّ أنّ محمدا عندنا الآن مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك الآن؟ قال: والله ما أحبّ أنّ محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه فتصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي. قال، يقول أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحبّ أحدا كحبّ أصحاب محمد محمدا، ثم قتله نسطاس.
«59» - قال مسعود بن عبد الله الأسدي يحسّن الغدر: [من الكامل]
سائل بني يربوع إن لاقيتهم ... عن ضيفهم يخبرك منهم خابر