الجيوش: عقد للنعمان بن زرعة التغلبيّ على تغلب والنمر، وعقد لخالد بن يزيد البهراني على قضاعة وإياد، وعقد لإياس بن قبيصة الطائي على جميع العرب ومعه كتيبتاه الشهباء والدّوسر، فكانت العرب ثلاثة آلاف، وعقد للهامرز على ألف من الأساورة، وعقد لخنابزين على ألف، وبعث معهم باللّطيمة، وهي عير كانت تخرج من العراق فيها البزّ والعطر والألطاف توصل إلى باذام عامله على اليمن. وعهد إليهم كسرى إذا شارفوا بلاد بكر بن وائل أن يبعثوا إليهم النعمان بن زرعة، فإن اتقوكم بالحلقة ومائة غلام منهم يكونون رهنا بما أحدث سفهاؤكم فاقبلوا منهم وإلا قاتلوهم. وكان كسرى قبل ذلك قد أوقع بيني تميم يوم الصّفقة، فالعرب منه خائفة وجلة. فلما بلغ هانىء بن مسعود الخبر جاء حتى نزل بذي قار، وجاءهم النعمان بن زرعة، وكانت جدّته عجليّة، فحمد الله وأثنى عليه وقال: إنكم أخوالي وأحد طرفيّ، وإنّ الرائد لا يكذب أهله، وقد أتاكم ما لا قبل لكم به من أحرار فارس وفرسان العرب، والكتيبتان: الشّهباء والدوسر، وإنّ في الشرّ خيارا، ولأن يفتدي بعضكم بعضا خير من أن تصطلموا، فانظروا هذه الحلقة فادفعوها، وادفعوا رهنا من أبنائكم. فقال له القوم: ننظر في أمرنا، ونبعث إلى من يلينا من بكر بن وائل. وبرزوا ببطحاء ذي قار بين الجلهتين. (قال الأثرم: جلهة الوادي ما استقبلك منه واتسع، وقال ابن الأعرابيّ: جلهة الوادي مقدّمه مثل جلهة الرأس إذا ذهب شعره، يقال رأس أجله) . ثم انتظروا أصحابهم، كلّما جاء سيّد انتظروا الآخر حتى جاء ثعلبة بن حنظلة بن سيّار العجليّ فقالوا له: يا أبا معدان، قد طال انتظارنا، وقد كرهنا أن نقطع أمرا دونك، وهذا ابن أختك النعمان بن زرعة قد جاءنا، والرائد لا يكذب أهله، قال: فما الذي أجمع عليه رأيكم واتفق عليه ملؤكم؟ قالوا: قلنا إنّ في الشرّ خيارا، ولأن يفتدي بعضنا بعضا خير من أن نصطلم جميعا. فقال حنظلة: قبّح الله هذا رأيا، ثم نزل ونزل الناس. ثم قال لهانىء بن مسعود: يا أبا أمامة، إنّ ذمّتكم ذمّتنا عامّة، وإنه لن يوصل إليك حتى تفنى أرواحنا، فأخرج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015