«15» - قال الأثرم: حجّ وفاء بن زهير المازنيّ في الجاهليّة، فرأى في منامه كأنه حاض، فغمّه ذلك، وقصّ رؤياه على قسّ بن ساعدة الإياديّ، فقال له:
أغدرت بمن أعطيته ذماما؟ قال: لا. قال: فهل غدر أحد من أهلك بجار لك؟
قال: لا علم لي؛ وقدم على أهله فوجد أخاه قد غدر بجار له فقتله، فانتضى سيفه، وناشده أخوه الله والرّحم، وخرجت أمّه كاشفة شعرها قد أظهرت ثدييها تناشده الله في قتل أخيه، فقال لها: علام سمّيتني وفاء إذا كنت أريد أن أغدر؟ ثم ضرب أخاه بسيفه حتى قتله وقال: [من الطويل]
يناشدني قيس قرابة بيننا ... وسيفي بكفّي وهو منجرد يسعى
غدرت وما بيني وبينك ذمّة ... تجيرك من سيفي ولا رحم ترعى
سأرحض عنّي ما فعلت بضربة ... عقيم البديّ لا تكرّ ولا تثنى
«16» - قال صعصعة بن ناجية المجاشعي للنبي صلّى الله عليه وعلى آله: إني حملت حمالات في الجاهلية، فجاء الإسلام وعليّ منها ألف بعير، فأدّيت من ذلك سبعمائة، فقال له: إنّ الإسلام أمر بالوفاء ونهى عن الغدر، فقال: حسبي حسبي، فوفى بها.
«17» - أتى حاجب بن زرارة التميميّ- في جدب أصاب قومه بدعوة رسول الله صلّى الله عليه وسلم كسرى- فسأله أن يأذن لهم في دخول بلاده حتى يمتاروا، فقال: إنكم معشر العرب قوم غدر، فقال: إنّي ضامن للملك أن لا يفعلوا، قال: فمن لي بأن تفي؟ قال: أرهنك قوسي، فضحك من حوله، فقال كسرى: ما كان ليخالف، فقبلها منه، وقال: يا حاجب إنّ قوسك لقصيرة معوجّة، قال: أيها الملك إنّ وفائي