[174] وسمع قوما من أصحابه يسبّون أهل الشام أيام حربهم بصفين فقال لهم: إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبّكم إياهم: اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحقّ من جهله، ويرعوي عن الغيّ والعدوان من لهج به.
[175]- ومن «1» كلام له عليه السلام: وحقا أقول ما الدنيا غرّتك ولكن بها اغتررت، ولقد كاشفتك الغطاء «2» ، وآذنتك على سواء، ولهي بما تعدك من نزول البلاء بجسمك والنقص في قوتك أصدق وأوفى من أن تكذبك وتغرّك، ولربّ ناصح لها عندك متّهم، وصادق من خبرها مكذّب، ولئن تعرفتها في الديار الخاوية والربوع الخالية، لتجدنّها من حسن تذكرك «3» وبلاغ موعظتك بمحلة الشفيق عليك والشحيح بك، ولنعم دار من لم يرض بها دارا، ومحلّ من لم يوطنها محلا، وإن السعداء بالدنيا [غدا] «4» هم الهاربون منها اليوم، إذا رجفت الراجفة وحقّت بجلائلها القيامة.
منها: فكم حجّة يوم ذاك داحضة، وعلائق عذر متقطعة، فتحرّ من أمرك ما يقوم به عذرك، وتثبت به حجّتك، وخذ ما يبقى لك مما لا تبقى له، وتيسّر لسفرك، وشم برق النجاة، وارحل مطايا التشمير.