[169]- ومن مواعظه: واتقوا الله عباد الله وبادروا آجالكم بأعمالكم، وابتاعوا ما يبقى لكم بما يزول عنكم، وترحّلوا فقد جدّ بكم، واستعدّوا للموت فقد أظلكم، وكونوا قوما صيح بهم فانتبهوا، وعلموا أنّ الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا، فإن الله لم يخلقكم عبثا ولم يترككم سدى، وما بين أحدكم وبين الجنة أو النار إلا الموت أن ينزل به، وإنّ غاية تنقصها اللحظة وتهدمها الساعة لجديرة بقصر المدة، وإنّ غائبا يحدوه الجديدان الليل والنهار لحريّ بسرعة الأوبة، وإن قادما يقدم بالفوز أو الشقوة لمستحقّ لأفضل العدّة، فاتّقى عبد ربه: نصح نفسه، قدم توبته، غلب شهوته، فإن أجله مستور عنه، وأمله خادع له، والشيطان موكل به يزين له المعصية ليركبها، ويمنّيه التوبة «1» ليسوّفها حتى تهجم منيته عليه أغفل ما يكون عنها، فيا لها حسرة على كلّ ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجّة، وان تؤديه أيامه إلى شقوة، نسأل الله سبحانه أن يجعلنا وإياكم «2» ممن لا تبطره نعمة، ولا تقصّر به عن طاعة ربه غاية، ولا تحلّ به بعد الموت ندامة ولا كآبة.
[170]- ومن مواعظه: رحم الله عبدا أسمع حكما فوعى، ودعي إلى رشاد فدنا، وأخذ بحجزة هاد فنجا، راقب ربّه، وخاف ذنبه، قدّم صالحا، وعمل خالصا، اكتسب مذخورا، واجتنب محذورا، رمى غرضا، وأحرز عوضا، كابر هواه، وكذّب مناه، جعل الصبر مطيّة نجاته، والتقوى عدّة وفاته، ركب الطريقة الغراء، ولزم المحجّة البيضاء، اغتنم المهل، وبادر الأجل، وتزوّد من العمل.