[90]- قال كميل بن زياد «1» النخعي: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فأخرجني إلى الجبانة، فلما أصحر تنفّس الصعداء ثم قال: يا كميل إنّ هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، فاحفظ عني ما أقول لك: إنّ الناس ثلاثة عالم ربانيّ، ومتعلّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كلّ ناعق يميلون مع كلّ ريح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق. يا كميل: العلم خير من المال فالمال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق. يا كميل: معرفة العلم دين يدان به، يكسب الإنسان الطاعة في حياته، وجميل الأحدوثة بعد وفاته. والعلم حاكم والمال محكوم عليه. يا كميل بن زياد: هلك خزّان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة، ها إنّ ها هنا لعلما جما- وأشار إلى صدره- لو أصبت له حملة؛ بلى أصبت لقنا «2» غير مأمون عليه «3» ، مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله على عباده، وبحججه على أوليائه، أو منقادا بجملة «4» الحق لا بصيرة له في إجابة «5» ، ينقدح الشكّ في قلبه لأول عارض من شبهة، ألا لا ذا ولا ذاك، أو منهوما باللذة، سلس القياد للشهوة، أو مغرما بالجمع والادّخار، ليسا من رعاة الدين في شيء، أقرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015