مكاني. فلما جلس النعمان لم ير أوسا فقال: اذهبوا إلى أوس فقولوا له: احضر آمنا مما خفت، فحضر فألبس الحلّة، فحسده قوم من أهله [1] فقالوا للحطيئة:
اهجه ولك ثلاثمائة ناقة، فقال الحطيئة: كيف أهجو رجلا لا أرى في بيتي أثاثا ولا مالا إلا من عنده؟ ثم قال: [من البسيط]
كيف الهجاء وما تنفكّ صالحة ... من آل لأم بظهر الغيب تأتيني
فقال لهم بشر بن أبي خازم الأسدي: أنا أهجوه لكم، فأخذ الابل وفعل، فأغار عليها أوس فاكتسحها، وطلبه فجعل لا يستجير أحدا إلا قال له: قد أجرتك إلا من أوس، وكان في هجائه قد ذكر أمّه، فأتي به، فدخل أوس الى أمّه فقال: قد أتينا ببشر الهاجي لك ولي، فما ترين فيه؟
فقالت: أو تطيعني؟ قال: نعم، قالت: أرى أن تردّ عليه ماله وتعفو عنه وتحبوه، وأفعل مثل ذلك به، فإنه لا يغسل هجاءه إلا مدحه، فخرج إليه فقال: إنّ أمي سعدى التي كنت تهجوها قد أمرت فيك بكذا وكذا، قال:
لا جرم والله لا مدحت حتى أموت أحدا غيرك.
«118» - وقيل إنّ المخبّل السعديّ مرّ بخليدة بنت بدر أخت الزبرقان بعد ما أسنّ وضعف بصره، وكان من قبل قد أفرط في هجائها، فأنزلته وقرته [2] وأكرمته ووهبت له وليدة، وقالت له: إني آثرتك بها يا أبا يزيد فاحتفظ بها، فقال لها: ومن أنت حتى أعرفك وأشكرك؟ قالت: لا عليك، قال:
بل، قالت: أنا بعض من هتكت بشعرك ظالما، أنا خليدة بنت بدر، قال: يا سوأتا منك فإني أستغفر الله وأستقيلك وأعتذر إليك، ثم قال: [من الطويل]