فقال: مظلوم يا أمير المؤمنين، قال: ومن ظلمك؟ قال: عمارة غضبني ضيعتي، فقال المنصور: يا عمارة قم فاقعد مع خصمك، فقال: ما هو لي بخصم، إن كانت الضيعة له فلست أنازعه، وإن كانت لي فهي له، ولا أقوم من مجلس قد شرّفني أمير المؤمنين بالرفعة إليه لأقعد في أدنى منه بسبب ضيعة.
«79» - وجرى بين الرشيد وزبيدة (وقيل: بل كان بين أبي العبّاس السفّاح وأمّ سلمة، وهو الأشبه) نزاهة نفس عمارة وكبره، فقالت له: ادع به وهب له سبحتي هذه، فإنّ شراءها خمسون ألف دينار، فإن ردّها علمنا نزاهته، فوجّه إليه فحضر، فحادثه ساعة ورمى إليه بالسبحة وقال: هي طرفة [1] وهي لك، فجعلها عمارة بين يديه، فلما قام تركها، فقالت: أنسيها، فأتبعوه خادما بالسبحة، فقال للخادم: هي لك، فرجع وقال: وهبها لي عمارة، فأعطت المرأة بها الخادم ألف دينار وأخذتها منه.
«80» - دخل الطرماح بن حكيم الطائيّ على خالد بن عبد الله القسري فقال له: أنشدني بعض شعرك فأنشده: [من الطويل]
وشيّبني ألّا أزال مناهضا ... بغير غنى أسموا به وأبوع [2]
وإنّ رجال المال أضحوا، ومالهم ... لهم عند أبواب الملوك شفيع