الأهوال، قيل: فاركب الأهوال، قال: هيهات، العقل مانع من ركوب الأهوال، قيل: فما تصنع وأنت تبلى حسرة وتذوب كمدا؟ قال: سأجعل من عقلي بعضه جهلا وأحاول به خطرا لأنال بالجهل ما لا ينال إلا به، وأدبّر بالعقل ما لا يحفظ إلا بقوّته، وأعيش عيشا يبين [1] مكان حياتي فيه من مكان موتي عليه فإن الخمول أخو العدم، والشهرة أبو الكون.
«48» - وكان للفاذوسبان [2] ، وهو من كبار أهل نيسابور، يد عند أبي مسلم في اجتيازه إلى خراسان، فكان يرعى له ذلك، فقال له يوما الفاذوسبان: أيها السلار، وبذاك كان يخاطب قبل قتل [ابن] الكرماني، مال قلبك إلى أحد بخراسان؟ فقال: كنت في ضيافة رجل يقال له فلان السمرقندي، فقامت بين يديّ جارية له توضيني فاستحليتها، قال فأنفذ الفاذوسبان إلى سمرقند واحتال في تحصيل الجارية، ثم أضاف أبا مسلم وأمرها أن [3] توضيه، فلما نظر إليها عرفها، فوهبها له الفاذوسبان، وكان لا يحجب عن أبي مسلم في أي وقت جاءه، فدخل إليه يوما فوجده نائما في فراشه فانصرف، وأمر أبو مسلم برده فجاء حتى وقف عليه فرآه مضاجعا تلك الجارية، وهما في ثيابهما [4] ، وبينهما سيف مسلول، فقال: يا فاذوسبان، إنما أحببت أن تقف على صورتي في منامي لتعلم أنّ من قام بمثل ما قمت به لا يتفرغ إلى مباشرة النساء، وأنشد [5] : [من البسيط]