أذكر بذلك فقال: حقد السلطان عجز.
«44» - وخاض جلساؤه يوما في مقتل عثمان فقال رجل: يا أمير المؤمنين في أيّ سنّك كنت يومئذ؟ قال: كنت دون المحتلم، فقال فما بلغ من حزنك عليه؟ قال: شغلني الغضب له عن الحزن عليه.
«45» - قال يزيد بن المهلب: ما يسرّني أني كفيت أمر الدنيا كله، قيل: ولم أيها الأمير؟ قال: أكره عادة العجز.
«46» - ومن الهمّة البعيدة ما فعله بنو العبّاس: خرجوا في أربعة عشر راكبا يطلبون الخلافة، وأعداؤهم في أيديهم الأموال والبلاد، والجيوش منقادة لهم حتى قال بعضهم وهو داود بن عليّ، وقد لقيهم ولم يعلم أين يريدون: ما قصتكم وأين تريدون؟ فقصّ عليه أبو العبّاس القصة، وأنهم يريدون الكوفة ليظهر أمرهم بها، فقال له داود: يا أبا العبّاس تأتي الكوفة وشيخ بني مروان بحرّان، وهو مطلّ على العراق في أهل الشام، يعني مروان بن محمد، وشيخ العرب في العراق في حلبة العرب، يعني يزيد بن عمر بن هبيرة؟! فقال أبو العبّاس: من أحبّ الحياة ذلّ، ثم تمثل قول الأعشى: [من الطويل]
فما ميتة إن متّها غير عاجز ... بعار إذا ما غالت النفس غولها
فالتفت داود إلى ابنه موسى فقال: صدق والله ابن عمك، ارجع بنا معه نعش أعزاء أو نموت كراما، فرجعوا معه.