الْمُتَصَدِّقِينَ
(يوسف: 88) فقال هشام: ما ترك لنا الغلام في واحدة من الثلاث عذرا. فأمر للبوادي بمائة ألف دينار، وله بمائة ألف درهم، فقال:
ارددها يا أمير المؤمنين إلى جائزة العرب، فإني أخاف أن تعجز عن بلوغ كفاية [1] . فقال: أما لك حاجة؟ قال: ما لي حاجة في خاصّة نفسي دون عامة المسلمين. فخرج وهو من أنبل القوم.
«20» - قال رجل للأحنف: لم سوّدك قومك وما أنت بأشرفهم بيتا، ولا أصبحهم وجها، ولا أحسنهم خلقا؟ قال: بخلاف ما فيك يا بني، قال: وما ذاك؟ قال: بتركي من أمرك ما لا يعنيني كما عناك من أمري ما لا يعنيك.
«21» قال عمرو بن العاص لدهقان نهر تيرى: بم ينبل الرجل عندكم؟ قال: بترك الكذب فإنه لا يشرف من لا يوثق بقوله، وبقيامه بأمر أهله فإنه لا ينبل من يحتاج أهله إلى غيره، وبمجانبة الريب فإنه لا يعزّ من لا يؤمن أن يصادف على سوءة، وبالقيام بحاجات الناس فإنه من رجّي الفرج عنده كثرت غاشيته.
«22» - وقال بزرجمهر: من كثر أدبه كثر شرفه وإن كان قبل وضيعا، وبعد صوته وإن كان خاملا، وساد وإن كان غريبا، وكثرت الحاجات إليه وإن كان فقيرا.