صلّى الاله على جسم [1] تضمّنه ... قبر فأصبح فيه العدل مدفونا
قد حالف الحقّ لا يبغي به بدلا [2] ... فصار بالحقّ والإيمان مقرونا
فقال لها: ومن ذاك؟ قالت: عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه.
قال: وما صنع بك حتّى صار عندك كذا؟ قالت: قدمت عليه في مصدّق قدم علينا من قبله، والله ما كان بيني وبينه إلا ما بين الغثّ والسمين، فأتيت عليّا لأشكو إليه ما صنع بنا فوجدته قائما يصلي. فلما نظر إليّ انفتل من صلاته ثم قال لي، برأفة وتعطّف: ألك حاجة؟ فأخبرته، فبكى ثم قال: اللهم أنت الشاهد عليّ وعليهم، إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقّك؛ ثم أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب، فكتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ
(هود: 85- 86) . إذا [3] قرأت كتابي هذا فاحتفظ بما في يديك من عملنا حتّى يقدم عليك من يقبضه منك، والسلام.
فأخذته منه والله ما ختمه بطين ولا خزمه بخزام، فقرأته.
فقال لها معاوية: لقد لمّظكم [4] ابن أبي طالب الجرأة على السلطان، فبطيئا ما [5] تفطمون، ثم قال: اكتبوا لها بردّ مالها والعدل عليها. قالت: ألي خاصة أم لقومي عامة؟ قال: ما أنت وقومك؟ قالت: هي إذن والله الفحشاء واللؤم، إن كان عدلا شاملا وإلا أنا كسائر قومي، قال: اكتبوا لها ولقومها.