(الباب الثالث في الشرف والرياسة والسيادة وما هو من خصائصها ومعانيها) الرياسة أصلها علوّ الهمة، وقطبها الحلم، وزينها حمل [1] المغارم، وبهجتها حفظ الجوار، وحصنها حمي الذمار، وأنا ذاكر ما جاء في ذلك جملة وتفصيلا، ومجتهد في إضافة كلّ كلام إلى جنسه وشبيهه [2] ، ويدخل في الشرف والرياسة كفّ الأذى، وغضّ العين على القذى، وحياطة العشيرة، والايثار والتنزه والظلف والجود والبأس والصدق والوفاء وحسن الخلق والحياء، وغير ذلك من مكارم الأخلاق، ولهذه الخصائص أبواب مفردة قد استوفيتها، والفرق بين المكانين أن الشرف والرياسة معنى يشمل جميع الفضائل بطريق الاستيلاء والاستتباع [3] ، وهما قسمان: أحدهما وهو الحقيقي: رياسة العلم والدين، وهو المنهج الواضح المبين، وتلك رياسة لا تنازع فيها، ومنزلة تزلّ عنها قدم مساميها، والآخر رياسة الدنيا، وهو المقصود بهذا المكان [4] ، فإن القسم الأوّل قد دخل بالإشارة في الباب الأوّل من هذا الكتاب.
وقد تحصل الرياسة بالولاية لكنها عارية مؤدّاة، وبلغة تفارقه عند العزل وتقلاه، وإذا خلت من الفضيلة زادت اشتهارا بالمخازي [5] ، وكشفت مكنون