فقيل له في ذلك فقال: أما إقصائي إياه فلجرمه، وأما تفريقي ماله في الشعراء فلئلا يشفعوا فيه.

[1127]- كتب الاسكندر إلى أرسطاطاليس يعلمه بما افتتح من البلاد ويعجّبه من قبّة الذهب، وجدها في بلاد الهند، فأجاب: إني رأيتك تعجب من قبة عملها الآدميون، وتدع التعجب من هذه القبّة المرفوعة فوقك، وما زيّنت به من الكواكب وأنوار الليل والنهار. وأما البلدان فليكن ملكك فيها بالتودّد إلى أهلها، لا كقهر الراعي غنمه بالعصا، فإنك في طاعة المودة أحمد بدنا وعافية من طاعة القهر والاستطالة، فحدّث به المأمون فقال: لقد حثّ على التودّد فأحسن، فلقد أدّبنا الله قبل معرفتنا بحكمة أرسطاطاليس: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ

(آل عمران: 159) .

[1128]- لما قتل شيرويه بن كسرى أباه أبرويز، وقف له رجل من الرعية يوما وقد رجع من الميدان فقال: الحمد لله الذي قتل أبرويز على يديك، وملّكك ما كنت أحقّ به منه، وأراح آل ساسان قتل من جبروته وعتوّه وبخله ونكده، فإنه كان ممن يأخذ بالحبة ويقتل بالظنّ، ويخيف البريء ويعمل بالهوى؛ فقال للحاجب: احمله إليّ، فقال: كم كانت أرزاقك في حياة أبرويز؟ قال: في كفاية من العيش. قال: فكم رزقك اليوم؟ قال: ما زيد في رزقي شيء، فقال: هل وترك أبرويز فأبصرت منه مما سمعت من كلامك؟

قال: لا، قال: فما دعاك إلى الوقوع فيه ولم يقطع عنك رزقا، ولا وترك في نفسك؟ وما للعامة وهم رعية والوقوع بالملوك؟ وأمر أن ينزع لسانه من قفاه، وقال: بحقّ ما يقال: ان الخرس خير من البيان بما لا يجب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015