وأطعمت ما لا إن يحل لآكل ... وصليت شرقا بيت مكة مغرب

فلو أن لحمي إذ هوى لعبت به ... كرام الملوك أو أسود وأذؤب

لهوّن وجدي أو لزلّت بصيرتي ... ولكنما أودت بلحمي أكلب

أعبّاد ما للّؤم عنك محوّل ... ولا لك أمّ في قريش ولا أب

وقل لعبيد الله ما لك والد ... بحقّ ولا يدري امرؤ [1] كيف تنسب

فلما طال مقام ابن مفرغ في السجن، استأجر رسولا إلى دمشق وقال له: إذا كان يوم الجمعة فقف على درج جامع دمشق، ثم اقرأ هذين البيتين بأرفع ما يمكنك من صوت. وكتب له في رقعة وهما: [من البسيط]

أبلغ لديك بني قحطان قاطبة ... عضّت بأير أبيها سادة اليمن

أضحى دعيّ زياد فقع قرقرة ... يا للعجائب يلهو بابن ذي يزن

ففعل الرسول ما أمره به. فحميت اليمانية وغضبوا له، ودخلوا على معاوية فسألوه فيه، فدافعهم عنه، فقاموا غضابا، وعرف ذلك في وجوههم، فردهم ووهبه لهم، ووجه رجلا من بني أسد يقال له حجام [2] بريدا إلى عبّاد، وكتب له عهدا وأمره أن يبدأ بالحبس فيخرج ابن مفرغ ويطلقه قبل أن يعلم عبّاد بما قدم له فيغتاله. ففعل ذلك، فلما خرج من الحبس قرّبت له بغلة من بغال البريد فركبها وقال: [من الطويل]

عدس! ما لعبّاد عليك إمارة ... نجوت وهذا تحملين طليق

وإن الذي نجّى من الكرب بعد ما ... تلاحم في درب عليك مضيق

أتاك بحجام فأنجاك فالحقي ... بأرضك لا يحبس عليك طريق

لعمري لقد أنجاك من هوّة الردى ... إمام وحبل للإمام وثيق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015