ومنقبض الكف وليس فيه بشرى بل ضدها. وأقبل السلطان في جيشه وكانت الكسرة وقبض على المسترشد، وقتل من بعد.
«37» - دخل الحجاج الكوفة متوجها إلى عبد الملك. فصعد المنبر، فانكسر تحت قدمه لوح، فعلم أنهم قد تفاءلوا عليه بذلك. فالتفت إلى الناس قبل أن يحمد الله تعالى وقال: شاهت الوجوه، وتبّت الأيدي، وبؤتم بغضب من الله! أإن انكسر عود خروع ضعيف تحت قدم أيّد شديد تفاءلتم بالشؤم؟ وإني على أعداء الله لأنكد من الغراب الأبقع، وأشأم من يوم نحس مستمر. وإني لأعجب من لوط وقوله: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ
(هود: 80) . وأي ركن أشدّ من الله تعالى؟ أو ما علمتم ما أنا عليه من الشخوص إلى أمير المؤمنين؟
فقد قلّدت عليكم أخي محمد بن يوسف، وقد أمرته بخلاف ما أمر به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معاذا في أهل اليمن، فإنه أمره أن يحسن إلى محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم، وقد أمرته أن يسيء إلى محسنكم وألا يتجاوز عن مسيئكم. وأنا أعلم أنكم تقولون بعدي: لا أحسن الله له الصحابة، وأنا معجّل لكم الجواب: لا أحسن الله عليكم الخلافة. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي دونكم.
«38» - قال أبو ذؤيب الهذلي: بلغنا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليل، فأوجس أهل الحيّ خيفة عليه، فبتّ بليلة ثابتة النجوم طويلة الأناة، لا ينجاب ديجورها، ولا يطلع نورها، حتى إذا قرب السحر خفقت فهتف بي هاتف يقول: [من الكامل]
خطب أجلّ أناخ بالإسلام ... بين النخيل ومقعد الآطام
قبض النبيّ محمد فعيوننا ... تذري الدموع عليه بالتسجام
قال أبو ذؤيب: فوثبت فزعا، فنظرت إلى السماء فلم أر إلا سعد الذابح،