هاربا، وأبصره الفاكه، فأقبل إليها فضربها برجله، وقال لها: من هذا الذي خرج من عندك؟ قالت: ما رأيت أحدا ولا انتبهت حتى أنبهتني؛ قال لها: ارجعي إلى أبيك. وتكلم الناس فيها، فقال أبوها: يا بنية، إن الناس قد أكثروا فيك فأنبئيني نبأك؛ فإن كان الرجل عليك صادقا دسست عليه من يقتله، فتنقطع عنك القالة، وإن يك كاذبا حاكمته إلى بعض كهان اليمن. فقالت: لا والله! ما هو علي بصادق:
فقال له: يا فاكه! إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم، فحاكمني إلى بعض كهان اليمن. فخرج الفاكه في جماعة من بني مخزوم، وخرج عتبة في جماعة من بني عبد مناف، ومعهم هند ونسوة. فلما شارفوا البلاد قالوا: غدا نرد على الرجل، تغيرت حال هند، فقال لها عتبة: إني أراك وأرى ما بك من تنكر الحال، وما ذاك إلا لمكروه عندك؛ قالت: لا والله! ولكني أعرف أنكم تأتون بشرا يخطئ ويصيب، ولا آمنه أن يسمني ميسما يكون علي فيه سبّة؛ فقال: إني سوف أختبره لك. فصفر لفرسه حتى أدلى، ثم أدخل في إحليله حبة حنطة وأوكأ عليها بسير؛ فلما أصبحوا قدموا على الرجل فأكرمهم ونحر لهم؛ فلما تغدّوا قال له عتبة: قد جئناك في أمر وقد خبأنا لك خبئا نختبرك به، فانظر ما هو؛ فقال: ثمرة في كمرة؛ قال: إني أريد أبين من هذا؛ قال: حبة برّ في إحليل مهر. قال: انظر في أمر هؤلاء النسوة، فجعل يدنو من احداهن فيضرب بيده على كتفها، ويقول لها: انهضي! حتى دنا من هند، فقال:
انهضي غير وخساء ولا زانية، ولتلدن ملكا اسمه معاوية، فنهض إليها الفاكه فأخذ بيدها، فجذبت يدها من يده وقالت: إليك عني! فو الله لأحرصنّ أن يكون ذلك الملك من غيرك، فتزوجها أبو سفيان.
«10» - ومن الزجر المستحسن ما روي أن كسرى أبرويز [1] بعث إلى النبي