تهوى، وغصة المنطق بما لا تهوى غير مستطاعة، وتركي ما أعلم من نفسي ويعلم من سمعني أني له مطيق أحبّ إليّ من تكليفي ما لا أتخوّف وتتخوّف مني، وقد أوفدنا إليك ملكنا النعمان، ونعم حامل المعروف والإحسان؛ إنّ أنفسنا لك بالطاعة باخعة، ورقابنا لك بالنصيحة خاضعة، وأيدينا لك بالوفاء رهينة.
قال كسرى: نطقت بعقل، وسموت بفضل، وعلوت بنبل.
6) ثم قام علقمة بن علاثة فقال: نهجت لك سبل الرشاد، وخضعت لك رقاب العباد، إنّ للأقاويل مناهج، وللآراء موالج، وللعويص مخارج، وخير القول أصدقه، وأفضل الطلب أنجحه؛ إنّا وإن كانت المحبة أحضرتنا، والوفادة قرّبتنا، فليس من حضرك منا بأفضل ممن عزب عنك، بل لو فتّشت كلّ رجل منهم وعلمت منهم ما علمنا لوجدت له في آبائه أندادا وأكفاء، كلهم إلى الفضل منسوب، وبالشرف والسؤدد موصوف، وبالرأي الفاضل والأدب النافذ معروف، يحمي حماه، ويروي نداماه، ويذود أعداه، ولا تخمد ناره ولا يحترز منه جاره، أيها الملك من يبل العرب يعرف فضلهم، فاصطنع العرب فإنها الجبال الرواسي عزا، والبحور الزواخر طما، والنجوم الزواهر شرفا، والحصى عددا، فإن تعرف لهم فضلهم يعزّوك، وإن تستصرخهم لا يخذلوك.
قال كسرى- وخشي أن يأتي منه كلام يحمله على السخط عليه-: حسبك أبلغت وأحسنت.
7) ثم قام قيس بن مسعود الشيباني فقال: أصاب الله بك المراشد، وجنّبك المصائب، ووقاك مكروه الشصائب [1] ، فما أحقنا إذ أتيناك بإسماعك ما لا يحش صدرك، ولا يزرع لنا حقدا في قلبك، لم نقدم أيها الملك لمباهاة، ولم ننتسب لمعاداة، ولا نزرع لنا حقدا في قلبك، ولكن لتعلم أنت ورعيّتك ومن حضرك من وفود الأمم أنّا في المنطق غير مفحمين وفي الناس غير مقصّرين، إن جوزينا