وقد اتفقت المصادر على أن أسرة صاحب التذكرة كانت مشهورة بالرياسة والفضل «1» ؛ وتفرد المنذري بقوله: «بالرياسة والرواية والكتابة» «2» ويبدو أن الفضل في تأثيل الرياسة لهذه الأسرة لا يعود إلى أبعد من والد صاحب التذكرة أعني الحسن بن محمد بن علي، إذ لا تذكر المصادر شيئا عن الجدّ؛ وإنما تعزو إلى الحسن المكنى بأبي سعد بداية تلك السيادة حين تتحدث كيف أنه كان من شيوخ الكتاب والعارفين بقواعد التصرّف والحساب، وأنه ألّف كتابا في معرفة (أو تصريف) الأعمال، مما يدلّ على رسوخ قدم في شؤون الدواوين، ويوم توفي أبو سعد في جمادى الأولى سنة 546، أي في خلافة المقتفي لأمر الله (530- 555) كان طاعنا في السن «3» .
وقد عرّفتنا المصادر بثلاثة من أبناء أبي سعد أكبرهم يسمى أيضا محمدا ويفترق عن أخيه بكنيته ولقبه؛ فهو أبو نصر غرس الدولة، ولد سنة 488 «وكان من العمّال» وكتاب الدواوين، كتب في الديوان من سنة 513- 545 ولم يثبت كثيرا من رسائله لأنه كان يمليها ارتجالا، وعرف بتقريبه ومصاحبته لأهل الصلاح والخير، وكانت وفاته سنة 545 أي قبل وفاة أبيه بنحو خمسة أشهر، وله من المؤلفات كتاب رسائل، وتاريخ الحوادث «4» ؛ وأوسط الإخوة- فيما أقدّر- هو أبو المظفر، ولعله كان يسمى محمدا أيضا، ولكن المصادر لا تتحدث عنه بشيء؛ وثالث الإخوة هو محمد أبو المعالي الذي شهر بكتاب «التذكرة» .
ولد محمد أبو المعالي في رجب سنة 495 أي في خلافة المستظهر بالله (487- 512) وكان في حوالي الثامنة عشرة من عمره يوم توفي هذا الخليفة،