مهابة في أنفس أقوام «1» وحلاوة في قلوب قوم آخرين، فيعين قوم على أنفسهم، ويعين قوم بما قبلهم، ويستتبّ ذلك الأمر غير طويل، ثم تصير الشّؤون إلى حقائقها وأصولها، فما كان شيء من الأمر على غير أركان وثيقة ودعائم محكمة أوشك أن يتداعى ويتصدع. لا تكوننّ نزر الكلام والسلام، ولا تبلغنّ إفراط «2» البشاشة، فإن إحداهما من الكبر والأخرى من السّخف.

[808]- ومن كلام الحكماء: إذا كان الملك محصّنا للأسرار، متخيرا لصالح الوزراء، مهيبا في أنفس العامة، بعيدا أن يعلم ما في نفسه، لا يسلم منه ذو جريمة بجريمته، ولا يضيع عنده بلاء، مقدرا لما ينفق وما ينفد «3» ، كان جديرا ألا يسلب صالح ما أوتي.

[809]- قال سهل بن هارون: للسلطان سكرات فمنها الرضى عن بعض من يستوجب السخط، والسخط على بعض من يستوجب الرضى، ولذلك قيل قد خاطر من لجّج في البحر وأشدّ منه مخاطرة صاحب السلطان.

الملك «4» صبيّ الرضا كهل الغضب، يأمر بالقتل وهو يضحك، ويستأصل شأفة القوم وهو يمزح، يخلط الجدّ بالهزل، ويجاوز في العقوبة قدر الذنب، ربما أحفظه الذنب اليسير، وربما أعرض صفحا عن الخطب الكبير؛ أسباب الموت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015