وأعيب من بغلة أبي دلامة، وأفضح من حبقة «1» في حلقة، وأحير من بقّة في حقّة، وهبك الحسن «2» في لفظه ووعظه، والشعبي في علمه وحفظه، والخليل في عروضه ونحوه، وجريرا في غزله وهجوه، وقسّا في فصاحته وخطابته، وعبد الحميد في بلاغته وكتابته، وأبا عمرو في قراءته وإعرابه، وابن قريب في روايته عن أعرابه؛ أتظنني أرضاك إماما لمحرابي وحساما لقرابي؟ لا والله ولا بوّابا لبابي، ولا عصا لجرابي.

فقال لهما القاضي: أراكما شنّا وطبقة، وحدأة وبندقة، فاترك أيها الرجل اللدد «3» واسلك في سيرك الجدد، وأما أنت فكفي عن سبابه، وقري إذا أتى البيت من بابه.

فقالت المرأة: والله ما أسجن عنه لساني، إلّا إذا كساني، ولا أرفع له شراعي دون إشباعي، فحلف أبو زيد بالمحرجات الثلاث «4» ، أنه لا يملك سوى اطماره الرثاث.

فنظر القاضي في قصصهما نظر الألمعي، وأفكر فكرة اللوذعي. ثم أقبل عليهما بوجه قد قطبه، ومجنّ قد قلبه، وقال: ألم يكفكما التّسافه في مجلس الحكم، والإقدام على هذا الجرم، حتى تراقيتما في فحش المقاذعة إلى خبث المخادعة؟ وايم الله لقد أخطأت استكما الحفرة، ولم يصب سهمكما الثغرة، فإن أمير المؤمنين، أعزّ الله ببقائه الدين، نصبني لأقضي بين الخصماء لا لأقضي دين الغرماء، (وتمام هذه المقامة تركته اختصارا) .

751- ومن رسالة كتب بها الشريف أبو يعلى ابن الهبارية من كرمان إلى الشيخ الخطيب أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي جوابا: [من الطويل]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015