وتبكي عزمك الآفل، بوقوع اختيارك على فاضح صاحبه، ومسلم راكبه، الجامد في حلبة الجياد، والحاذق بالحرن والكياد، الشؤم ديدنه ودابه، والبلادة طبيعته وشأنه، لا يصلحه التأديب، ولا تقرع له الظّنابيب، إن لحظ عيرا نهق، أو لمح أتانا شبق، أو وجد روثا شمّ وانتشق، فكم هتم سنّا لصاحبه، وكم أسعط أنف راكبه بأنفاسه؟ وكم استردّه خائفا فلم يردده، وكم رامه خاطبا فلم يسعده؟ يعجل إن أحبّ الأناة والإبطاء، ويرسخ إن حاول الحثّ والنّجاء، مطبوع على العكس والخلاف، موضوع للضعة والاستخفاف، عزيز حتى تهينه السياط، كسول ولو أبطره النّشاط، ما عرف في النجابة أبا، ولا أفاد من الوغى أدبا، الطالب به محصور، والهارب عليه مأسور، الممتطي له راجل، والمستعلي بذروته نازل، له من الأخلاق أسواها، ومن الأسماء أشناها، ومن الأذهان أصداها، ومن القدود أحقرها، ومن تجحده المراكب، وتجهله المواكب، وتعرفه ظهور السوابل، وتألفه سباطات المنازل «1» .
ومنها:
جعلت فداك، لم حيث شاورت لم تستشر عليما إن عدمته نصيحا، وبصيرا إن لم تظفر به شفيقا «2» ، وذا منّة نافذة إن عدمت ذينك بواحدة؛ وإن وجدك بعزلة من العتاق، وحجزة من ذوات الإعناق، أمالك «3» إلى الهماليج التي زانها التصنيع، وراضها التخليع، فأصبحت منسربة كالحباب، متدافعة كالسحاب، وأمطاك المركبة البدع، بين كرم الأصل وكرم الفرع، سفواء روميّة، أو دهماء أعوجية، لها طرفان من الحمد والذمّ، وخبران لنسب الأب من الأمّ، يكرم راكبها ولا يهاب «4» ، وينجو صاحبها فلا يصاب، ذات خطى تسبق الأوفاز،