[684]- وكانت كتب رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى الملوك وغيرهم كلّها مختصرة، وهو صلّى الله عليه وسلم الذي لا خلاف في فصاحته عند المقرّ والجاحد، بلسانه نزل «1» القرآن بلسان عربيّ مبين.
كتب إلى المنذر بن الحارث بن أبي شمر الغسانيّ، صاحب دمشق: سلام على من اتّبع الهدى وآمن بالله، فإني أدعوك أن تؤمن بالله وحده لا شريك له، يبقى لك ملكك.
وكتب إلى أبرويز بن هرمز ملك فارس: من محمّد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس، سلام على من اتّبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلى الناس كافّة لينذر من كان حيّا، أسلم تسلم، وإن أبيت فعليك إثم المجوس.
فهذا ونحوه ما كان يكتب عنه صلّى الله عليه وسلم، ومكاتبات الصدر الأوّل على هذا النمط كانت، إلا ما يتضمن بلاغا أو حجاجا، فيكون الإسهاب فيه أنجع وأوقع، وقد مضى في هذا الكتاب من كتبهم المختصرة وفقرهم ما تجده متفرّقا في أماكنه اللائقة به.
685- وقد كتب بعضهم إلى متلوّم مترجّح بين الطاعة والمعصية:
أما بعد، فإني أراك تقدّم رجلا وتؤخّر أخرى، فاعتمد على أيتهما شئت.
فهذا غاية الإيجاز مع قوة الإعذار في الإنذار.