24»

- ومن العبث بالهجو ما روي أنّ الحطيئة همّ بهجاء فلم يدر من يستحقّه فجعل يجول ويقول: [من الطويل]

أبت شفتاي اليوم إلّا تكلّما ... بسوء فما أدري لمن أنا قائله

ثم اطلع في ركيّ فرأى وجهه فقال:

أرى لي وجها شوّة الله خلقه ... فقبّح من وجه وقبّح حامله

وهجا أباه وأمه فقال: [من الكامل]

ولقد رأيتك في النساء فسؤتني ... وأبا بنيك فساءني في المجلس

248- ومن هذا الفن أنّ شاعرا في زماننا هجا بعض الأعيان بأبيات مطبوعة تداولها الناس فحبس وعزّر. وأراد الوزير أبو علي ابن صدقة أن يستكفّه عن الزيادة فقال له: ما أردت إلى هجاء هذا الرجل؟ هل اجتديته فمنعك، أو مدحته فحرمك، أو كانت لك حكومة فمال فيها عليك؟ قال: كلّ ذلك لم يكن، بل قطع كان على عرضه وقفاي.

«249» - وضدّ هذا العبث بالأعراض قول صخر بن عمرو بن الشريد السّلميّ، وقد قتلت بنو مرّة أخاه معاوية بن عمرو، فقال له قومه: ألا تهجوهم؟ فقال: ما بيننا أجلّ من القذع، ولو لم أكفّ عن هجائهم إلّا رغبة بنفسي عن الخنا لكففت. وقال: [من الطويل]

تقول ألا [1] تهجو فوارس هاشم ... وما لي إذا أهجوهم ثم ما ليا

أبى الشتم أني قد أصابوا كريمتي ... وأن ليس إهداء الخنا من شماليا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015