«921» - ومن كلام جمعه عبد الله بن المعتز: إخوان الخير يسافرون في طلب المودّة حتى يبلغوا الثقة؛ فتطمئن أبدان، وتؤمن خبايا الضمائر، وتلقى ملابس التخلق، وتحلّ عقد التحفّظ. وإخوان السوء ينصرفون عند النكبة، ويقبلون مع النعمة، ومن شأنهم التوسّل بالإخلاص والمحبة إلى أن يظفروا بالأنس والثقة، ثم يوكّلون الأعين بالأفعال، والأسماع بالأقوال، فإن رأوا خيرا أو نالوه لم يذكروه ولم يشكروه، وعملوا على أنهم خدعوا صاحبهم عنه وقمروه، وإن رأوا شرّا أو ظنّوه أذاعوه ونشروه، فإن أدمت مواصلتهم فهو الداء المماطل، المخوف [على المقاتل] وإن استرحت إلى مصارمتهم ادّعوا الخبرة بك لطول العشرة، فكان كذب حديثهم مصدّقا، وباطله محقّقا.
922- وروي أنه جلس أبو إسحاق الفزاري وابن عيينة وابن المبارك يتذاكرون فقال ابن المبارك: قال داود عليه السلام: يا ربّ أعوذ بك من جليس مماكر، عينه تراني، وقلبه يرعاني، إن رأى حسنة كتمها، وإن رأى سيئة أذاعها.
فقال أبو إسحاق: نعم الجليس هذا، فقال ابن عيينة: يا أبا إسحاق، داود نبيّ الله يتعوّذ من هذا وأنت تقول: نعم الجليس؟ قال: نعم هذا الذي ينتظر حتى يرى منّي زلّة، ليت أنه لا يرميني [1] بها قبل أن يراها مني.
«923» - وقال الشاعر: [من الوافر]
صديقك حين تستغني كثير ... وما لك عند [2] فقرك من صديق