صنفان: إخوان الثقة، وإخوان المكاثرة؛ فأما إخوان الثقة فهم الكهف والجناح والأهل والمال، فإذا كنت من صاحبك على حدّ الثقة فابذل له مالك ويدك، وصاف من صافاه، وعاد من عاداه، واكتم سرّه وغيبه، وأظهر منه الحسن.

واعلم أيّها السائل أنهم أقلّ من الكبريت الأحمر. وأما إخوان المكاثرة فإنّك تصيب منهم لذّتك، فلا تقطعنّ ذلك فيهم، ولا تطلبنّ ما وراء ذلك من ضميرهم، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان.

«909» - ومن دواعي الودّ ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ثلاث يثبتن لك الودّ في صدر أخيك: أن تبدأه بالسلام، وتوسّع له في المجلس، وتدعوه بأحبّ الأسماء إليه. وقول عليّ كرّم الله وجهه من لانت كلمته وجبت محبته. وقول جعفر بن محمد: داو المودّة بكثرة التعاهد فإن قدرت على أن يكون من تؤاخيه كما قال الشاعر: [من الطويل]

أخ لي كذوب الشّهد طعم إخائه ... إذا اشتبهت بيض الليالي وسودها

كأمنية الملهوف بذلا ونائلا ... وعونا على عمياء أمر يكيدها

له نعم عندي بعلت بشكرها ... على أنّه في كلّ يوم يزيدها

وإلّا فاقنع بالهوينا، واقبل منه عفوه، واعتذر لهفوته: [من الطويل]

فلست بمستبق أخا لا تلمّه ... على شعث أيّ الرجال المهذّب

ومن لك بأخيك كلّه. وقد قال محمد بن علي: من لم يرض من أخيه بحسن النية لم يرض بالعطية. وقال طلحة: كلّ أحد يتمنّى صديقا على ما يصفه، ولا يكون هو لصديقه على ما يقترحه، فلهذا يطول التشكّي ويقوى الأسف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015