وعليك بالصبر. فنظر إلى رجاء بن حيوة كالمستريح إلى مشورته فقال رجاء: أفضها يا أمير المؤمنين فما بذاك من بأس، فقد دمعت عينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم وقال: العين تدمع، والقلب يوجع، ولا نقول ما يسخط الربّ، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون. فأرسل سليمان عينه فبكى حتى قضى أربا ثم أقبل عليهما وقال: لو لم أنزف هذه العبرة لا نصدعت كبدي، ثمّ لم يبك بعدها.
«589» - قال أبو ذؤيب الهذلي: [من الطويل]
يقولون لي لو كان بالرمل لم يمت ... نشيبة والطرّاق يكذب قيلها
ولو أنني استودعته الشمس لارتقت ... إليه المنايا عينها ورسولها
590- وقال معن بن زائدة يرثي ابن المقفّع: [من البسيط]
كذبتك الودّ لم تقطر عليك دما ... عيني ولم تنقطع نفسي من الحزن
591- عزّى عبد الرحمن بن أبي بكرة سليمان بن عبد الملك فقال: إنّه من طال عمره فقد الأحبّة، ومن قصر عمره كانت مصيبته في نفسه.
592- وكتب محمد بن عيسى الكاتب إلى صديق له: من سرّه امتداد عمره، ساءته فجائع دهره، بفقد حميم أو طارق هموم، عادة للزمان مألوفة، وسنّة للحدثان معروفة، وأحق من سلّم للأقضية من وهب الله تعالى له جميل الاصطبار، فإن أصابته مصيبة تلقاها مصطبرا، وإن نابته نائبة وجدته محتسبا.
«593» - لما مات ذرّ بن عمر بن ذرّ الهمذاني، وكان موته فجاءة، أتاه أهل بيته يبكونه فقال: ما لكم؟ إنّا والله ما ظلمنا ولا قهرنا، ولا ذهب لنا بحقّ، ولا