أحوالا شتّى من حبل مضطرب، ونظام منتشر، وعدوّ للسطان أخذ بمكاظمه، وقعد على مراصده، فقارعت ذلك كلّه بنفسك، وأعملت فيه جدّك، ووفرت عليه سعيك، واكتنفتك فيه معاون الله التي استدعيتها من الجميل بنيتك والخالص من سريرتك. فما كان إلّا ريثما وفر الله على الملك حقّه، وحاط له أمره، وأهاب بالناكص منه إلى حظه، وردّ العدوّ بغيظه، وعادت أركان الملك إلى مراكزها، واستقرّت على قواعدها.

120- آخر: فلا أعدمك الله النية في اعتقاد خوالد المنن في أعناق الرجال، ولا أذخرك القدرة على ادّخار رغائب الكنوز في قلوب الإخوان، ولا أحوجك إلى ثمرة ذلك منهم إلّا بالرغبة في ما ينشر [1] لك عنهم من إخلاص الدعاء وحسن الثناء، كما انتشر لك عن جملة صنائعك، وحفظة ودائعك الذين ما أخليتهم عن خلال [2] فضلك، ولا أعريتهم من لباس عزّك، فأصبحوا في زهرة رياضك راتعين، وفي غمرة حياضك شارعين، فإن هززتهم لضريبة فروها بألسنة حداد، وسواعد شداد، وقلوب متناصرة، وأيد مترادفة، وإن استغنيت- دام لك الغنى عن العالمين- كانوا لك رصدا فوق أعناق الحاسدين، بصول أدفع من صواعق الموت اللهام، وقول أنفذ من نيران الحريق في الآجام، بصراء بمواسم الازدحام، وعلماء بمواضع الأقدام.

«121» - البحتري: [من البسيط]

ومصعد هضبات الموت [3] يطلعها ... كأنه لسكون الجأش منحدر

ما زال يسبق حتى قال حاسده ... له طريق إلى العلياء مختصر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015