إذا متّ مات الجود وانقطع الندى ... من الناس إلّا في قليل مصرّد
وردّت أكفّ السائلين وأمسكوا ... من الدين والدنيا بخلف مجدّد
49- وقال الأعرابي: [من البسيط]
لا يبعد الله قوما إن سألتهم ... أعطوا وإن قلت يا قوم انصروا نصروا
وإن ألمّت بهم نعماء ظاهرة ... لم يبطروها وإن نابتهم صبروا
«50» - سأل عبد الله بن عباس صعصعة بن صوحان العبدي عن أخويه فقال:
أما زيد فكما قال أخو غنيّ: [من الطويل]
فتى لا يبالي أن يكون بوجهه ... إذا نال خلّات الكرام شحوب
وهي أبيات. ثم قال: كان والله يا ابن عباس عظيم المروّة، شريف الأبوة، جليل الخطر، بعيد الأثر، كميش العروة، زين الندوة، سليم جوانح الصّدر، قليل وساوس الفكر، ذاكرا لله طرفي النهار وزلفا من الليل، الجوع والشّبع عنده سيّان، لا منافس في الدنيا، ولا غافل عن الآخرة. يطيل السكوت، ويديم الفكر، ويكثر الاعتبار، ويقول الحقّ، ويلهج بالصدق. ليس في قلبه غير ربه، ولا يهمّه غير نفسه. فقال ابن عباس: ما ظنّك برجل سبقه عضو منه إلى الجنة؛ رحم الله زيدا. فأين كان عبد الله منه؟ قال: كان عبد الله سيدا شجاعا سخيّا مطاعا، خيره وساع، وشرّه دفاع، قلّبيّ [1] النحيزة، أحوذيّ الغريزة، لا ينهنهه منهنه عما أراده، ولا يركب إلّا ما اعتاده، سمام العدا، فيّاض النّدى، صعب