4- تبيان مصادر ابن حمدون على وجه يكاد يكون قطعيا.
وسيكتشف القارىء مدى اعتماد ابن حمدون على نهج البلاغة وحلية الأولياء والبيان والتبيين (وعيون الأخبار) ونثر الدر والبصائر والأدب الكبير لابن المقفع وكليلة ودمنة وكتاب النمر والثعلب لسهل بن هارون (في هذا الجزء الأول وحده) وغيرها من مصادر «1» . ولهذا الأمر أجدني قد تأنيت كثيرا في تخريج الأقوال وأوجزت كثيرا في تعريف الأعلام، فاكثر الأعلام التي يذكرها ابن حمدون مشهور، وما كان منها غير مشهور فقد عرفت به لفائدة القارىء بذكر مصدر أو مصدرين، غير ملتفت إلى الاستكثار من ذكر المصادر، إذ أن بعضها يهدي إلى بعض في يسر.
وقد ضبطت النصّ ببعض الشكل، ورجحت الصواب وأثبته في المتن، غير متخذ إحدى المخطوطات الثلاث أصلا معتمدا، وقسمت الحاشية في قسمين: واحد جعلته لاختلاف القراءات في المخطوطات والمصادر والثاني لتخريج النصوص والتعريف ببعض الأعلام، وما كان زيادة من المصادر جعلته بين معقفين مستطيلين [] ؛ وميزت الآيات القرآنية بوضعها بين قوسين مزهرين وأثبتّ في المتن اسم السورة ورقم الآية بين قوسين عاديين.
ولا بد لي من أن أوجه الانتباه إلى ما تكشفه المصادر من تعدد في نسبة القول إلى عدد كبير من الناس؛ حتى ليكون القول الواحد نفسه منسوبا إلى خمسة، وهذه مشكلة قد توقف عندها ابن حمدون نفسه حين قال في أول الفصل الثاني من الباب الأول؛ عند الحديث عن كلام علي والعترة النبوية:
«قد اختلفت الرواة فيما جاء من مثل هذه الآداب والمواعظ اختلافا شديدا ونسبوا الكلمة منها إلى جماعة من القرابة والصحابة، وكثيرا ما نسبوا فقرا يتداولها الناس تارة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتارة إلى أهله وأصحابه» ... وذكر ابن 2 1 التذكرة