إنّ الرسول لسيف يستضاء به ... مهنّد من سيوف الله مسلول
في عصبة من قريش قال قائلهم ... ببطن مكّة لمّا أسلموا زولوا
زالوا فما زال أنكاس ولا كشف ... عند اللقاء ولا ميل معازيل
شمّ العرانين أبطال لبوسهم ... من نسج داود في الهيجا سرابيل
لا يفرحون إذا نالت رماحهم ... قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا
لا يقع الطعن إلّا في نحورهم ... وما لهم عن حياض الموت تهليل
وله معتذرا إليه صلّى الله عليه وسلم:
أنبئت أنّ رسول الله أوعدني ... والعفو عند رسول الله مأمول
مهلا هداك الذي أعطاك نافلة ال ... قرآن فيها مواعيظ وتفصيل
لا تأخذنّي بأقوال الوشاة ولم ... أذنب وإن كثرت فيّ الأقاويل
وإنما لم أبتدىء بممادح رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأستكثر منها لأنّه صلّى الله عليه وسلم يجلّ عن مدح الشّعر، ومن مدحه الله عزّ وجلّ في كتابه العزيز غنيّ عن مدح المخلوقين.
وكان سبب قصيدة كعب بن زهير أنّ كعبا وبجيرا ابني زهير بن أبي سلمى خرجا إلى أبرق العزّاف [1] ، فقال بجير لكعب: اثبت في الغنم حتى آتي هذا الرجل- يعني النبي صلّى الله عليه وسلم- فأسمع كلامه وأعرف ما عنده. فأقام كعب ومضى بجير، فعرض عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم الإسلام فأسلم، واتّصل إسلامه بأخيه كعب فقال: [من الطويل]
ألا أبلغا عنّي بجيرا رسالة ... فهل لك في ما قلت ويحك هل لكا
سقاك بها المأمون كأسا رويّة [2] ... وأنهلك المأمون منها وعلّكا