عن منصور البرمكي قَالَ كانت لهارون الرشيد جارية تصب على يده وتقف على رأسه وكان المأمون يعجب بها وهو أمرد فبينما هن تصب على يد هارون من إبريق معها والمأمون مع هارون فِي مقابلة الجارية إذا أشار إليها بقبلة فزبرته بحاجبها وأبطأت عن الصب فنظر إليها هارون وقال ما هذا ضعي ما معك إن لم تخبريني لأقتلنك فقالت أشار إلى عبد اللَّه بقبلة فالتفت إليه وإذا هو قد نزل به من الحياء والرعب ما رحمه واعتنقه قَالَ أتحبها قَالَ نعم يا أمير المؤمنين فقال قم فادخل بها فِي تلك القبة فقام إليها فقال له هارون قل فِي هذا شعرا فانشأ يقول:
ظبي كنيت بطرفي ... عن الضمير إليه
قبلته من بعيد ... فأعقل عن شفتيه
ورد أخبث رد ... بالكسر من حاجبيه
فما برحت مكاني ... حتى قدرت عليه
عن يحيى بْن أكثم القاضي أما رأيت أكمل آلة من المأمون وجعل يحدث عَنْهُ بأشياء أستحسنها من كان عنده تم قَالَ كنت ليلة عنده أحدثه ثم نام وانتبه فقال يا يحيى أنظر أيش عند رجل فنظرت فلم أرى شيئا فقال شمعة فتبادر الفراشون فقال انظروا فنظروا فإذا تحت فراشه حية فقتلوها فتعجب الحاضرون فقال له هتف بي هاتف الساعة وأنا نائم فقال:
يا راقد الليل انتبه ... إن الخطوب لها سرى
ثقة الفتى بزمانه ... ثقة محللة العرى