واعلم أن هذا يمكن أن يُجعل طريقة مستقلة في إثبات صفات الكمال له، فإنها إما واجبة له، وإما ممتنعة عليه، والثاني باطل فتعيَّن الأول، لأن كونه قابلا لها خاليا عنها يقتضي أن يكون ممكنا، وذلك ممتنع في حقه، وهذه طريقة معروفة لمن سلكها من النظار.

الجواب الثاني - أن يقال: فعلى هذا إذا قلنا: زيد إما عاقل وإما غير عاقل، وإما عالم وإما ليس بعالم، وإما حي وإما غير حي، وإما ناطق وإما غير ناطق، وأمثال ذلك مما فيه سلب الصفة عن محل قابل لها، لم يكن هذا داخلا في قسم تقابل السلب والإيجاب.

ومعلوم أن هذا خلاف المعلوم بالضرورة، وخلاف اتفاق العقلاء، وخلاف ما ذكروه في المنطق وغيره.

ومعلوم أن مثل هذه القضايا تتناقض بالسلب والإيجاب على وجه يلزم من صدق إحداهما كذب الأخرى، فلا يجتمعان في الصدق والكذب، فهذه شروط التناقض موجودة فيها.

وغاية فرقهم أن يقولوا: إذا قلنا: هو إما بصير وإما ليس ببصير، كان إيجابا وسلبا، وإذا قلنا: إما بصير وإما أعمى، كان ملكة وعدما.

وهذا منازعة لفظية، وإلا فالمعنى في الموضعين سواء، فعلم أن ذلك نوع من تقابل السلب والإيجاب، وهذا يبطل قولهم في حد ذلك التقابل: إنه لا استحالة لأحد الطرفين إلى الآخر، فإن الاستحالة هنا ممكنة كإمكانها إذا عبر بلفظ «العمى» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015