إحداهما: إذا قامتِ بينةٌ باعتبارِ المديونِ، فإن لصاحبِ الدينِ تحليفَهُ على الأصحِّ بجوازِ أَنْ يكونَ لَهُ مالٌ في الباطنِ.
الثانيةُ: إذا أقامَ (?) المدعي للعينِ بينةً أنها ملكه، وقال الشهودُ: لا نعلمه باعَ ولا وذهب، فإن الشافعيَّ قال: أُحلِّفُهُ أن هذه الدَّابَّةَ ما خرجتْ من ملكهِ بوجهٍ من الوجوهِ، ثم أدفعُها له. انتهى.
وهاتانِ الصُّورتانِ يرجع أمرهما إلى أن الشهادَةَ التي لا تعتمد معاينةً ولا سماعًا، وإنما تعتمد ظاهرًا من إعسارٍ، واستصحابًا للملكِ لا بدَّ معها من الحلفِ بطلب الخصمِ، فإن ادَّعى أداءً وإبراءً، أو شراءَ العينِ أو هبتها، أو اقباضها، حلفَ على نفيهِ إذا ادعَى حدوثَ شيءٍ من ذلك بعدَ قيامِ البينةِ، ومضى بعد قيام البينة زمان إمكان حدوثِهِ، وادَّعى صدورَه قبل قيامِ البينة وقبل حكم القاضِي.
فأمَّا إذا ادَّعى حدوثَ شيءٍ مِن ذلكَ بعد قيامِ البينةِ وقبل إمكانِ حدوثِهِ، فلا يلتفتُ إليه، وإذا كانتِ البينةُ من جهةِ المدعي شاهدًا ويمينًا فلا يحلفُ المدعي على نفي ما ادَّعاهُ المدَّعى عليه، من الإبراءِ، والأداءِ، لأنَّ الحلفَ مع الشاهدِ قد يعرضُ فيه الحالفُ لاستحقاقِ المدعَى به، فلا يكلَّفُ بعد ذلك الحلفَ على نفي ما ادَّعاه المدعي عليه لسبق ما يقتضي ذلك في الحلفِ مع الشاهدِ، ويحلفه إذا ادَّعى علمُهُ بفسقِ شاهدِهِ، أو كذبه على الأصحِّ.
وإذا استمهلَ ليأتي ببينةٍ لم يمهَل على النصِّ، وعلى ذلك عملُ الناسِ، ويقضى للمدعي بما توجَّه.
فإنْ أتَى المدَّعى عليه بما يخالفُ ذلكَ عمل بمقتضاهُ.