ولو كانَ الحقُّ تعزيرًا ورأى القاضِي إطلاقَهُ فلَهُ ذلكَ، كما جزَمَ به الغزاليُّ، قال الرافعيُّ: وسكتَ المعظم عنه، ولو بانتْ جنايتُهُ عند الثاني وأراد إدامة حبسه فالقياسُ الجواز (?). انتهى.

وقد جزمَ الماورديُّ والرويانيُّ بما قالَه الغزاليُّ.

وإن لم يستكمل مدَّةَ حبسِهِ مع بقاء نظرِ الأوَّلِ؛ لأنَّ القاضي الثاني لا يُعزر لذنبٍ كانَ مع غيرِهِ لكن لا يطلق حتى ينادي عليه، لاحتمالِ أنَّه حبسَ لخصمٍ أنكره، ويحلفه عليه، وإن قال المحبوسُ: "حبستُ ظلمًا" فعلى خصمِه حجة، ويُصَدَّق بيمينه. كذا جزَمَ به في "الروضة" (?) تبعًا للشرحِ.

قال شيخُنا: وهذا الذي جزَما بهِ عندنا ممنوعٌ؛ فإنَّ المحبوسَ إذا قالَ: حبسني الحاكمُ المنصرفُ ظلمًا فقدِ اعترفَ بحبسٍ صدرَ من الحاكِمِ، وادَّعى أنَّ الحاكمَ ظلمَهُ فيهِ، وخصمُهُ يدَّعي أنَّ الحاكمَ حبسَهُ بحقَّه الذي له عليه، فالظاهرُ أنَّ حبسَ الحاكمِ يكونُ على الوجهِ المعتبرِ بالمحبوسِ حينئذٍ هو المدَّعِي، وخصمه هو المُدَّعَى عليه، فالقولُ قولُ خصمِهِ بيمينِهِ، ولا يكلَّفُ خصمُه الحجَّةَ؛ لأنَّ معهُ حجَّةً سابقةً، قدِ اعترفَ المحبوسُ بها، وهي أنَّ الحاكمَ حبسَهُ.

وقد جزمَ الفوارنيُّ بأنَّه لا يقبلُ قولُهُ، وأصابَ في ذلكَ، وكذا ذكرَ الماورديُّ في "الحاوي" (?) أنَّ دعوَى المحبوسِ أنَّ الحاكمَ حبسَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015