ولا بانعزالهِ، وحكى الماورديُّ وجهًا، أنَّ القضاةَ ينعزلونَ بموتِ الإمامِ، واستثنى شيخُنا من أن القاضي لا ينعزلُ بموتِ الإمامِ الذي أقامَهُ قاضيًا ليحكم بين الإمامِ وبين خصمائِه، فإنَّه ينعزلُ بموتِ الإمامِ لزوالِ المعنى المقتضَى لذلك.
ولا ينعزلُ ناظرُ وقفٍ من جهةِ القاضِي، ولا ناظرُ يتيمٍ بموتِ قاضٍ على الأصحِّ، إلَّا إذا شرطَ الواقفُ النظرَ لقاضِي البلدةِ فلان، فأقامَ عنهُ ناظرًا ثم ماتَ القاضي، فإنَّهُ ينعزلُ الناظرُ الذي أقامَهُ من جهتِهِ.
ولا يقبلُ قولُهُ بعدَ انعزالِهِ: "حكمتُ بكذا"، إلَّا إذا انعزلَ بالعمَى، فإنَّه يقبلُ قولُهُ بعدَ عماهُ "حكمتُ بكذا"، لأنَّهُ إنَّما انعزلَ بالعمَى فيما يحتاج إلى الإبصارِ، وقوله: "حكمتُ بكذا" لا يحتاج إلى إبصارِ. فيقبلُ قولُهُ لبقاءِ ولايتِهِ فيه.
ولا يقتصر عدمُ القبولِ على "حكمتُ"، بل يتعدَّى أيضًا إلى قولِهِ: "لست حكمت بكذا"، فلا يقبلُ منهُ، ولا يقبلُ منهُ: "ثبتَ عندي كذا"، ولا "عقدتُ عقد النكاح على فلانة لفلان"، ولا "بعتُ كذا على فلانٍ"؛ لأنَّه كان تحت حجري من جهة الحكم أو كان ممتنعًا من وفاء الدين، نعم لو قال: "صرفت مال الوقف بجهته العامة" قُبِلَ منه ذلك، ولو قال: "صرف في عمارتِهِ كذا" مما يقتضيهِ الحالُ؛ فإنَّهُ يقبلُ منهُ ذلك.
ولو قالَ: "المالُ الذي في يد الأمين سلمته إليهِ زمنَ قضائي، وهو لزيدٍ" وصدَّقه الأمينُ على أنَّه تسلَّمهُ منه، وادعَى أنه لعمرٍو، فالقولُ قولُ القاضي بلا يمينٍ، ولا يغرمُ الأمينُ لعمرٍو شيئًا على الأرجحِ.
ولو لم يصدقه الأمينُ في تَسَلُّمِه فالقولُ قولُ الأمينِ، ولو شهدَ مع آخرَ بحكمِهِ لم يُقبلْ على الصحيحِ، أو يحكم حاكم جائز الحكم قُبلتْ على الأصحِّ إذا لم يعلم القاضي أنَّه شهد على فِعْلِ نفسِهِ، فإن علم فلا فرقَ بين