وأمَّا الصيغةُ: فيشترطُ اللفظُ من الناطقِ، ويشترطُ فيه التنجيز.
والنذرُ ضربان (?):
(1) نذرُ لجاجٍ، وهو أن يمنعَ نفسَهُ من شيءٍ أو يجبرها عليهِ، على وجهِ اللجاجِ والغضبِ، بالتزامِ قربةٍ كإن كلمَّته أو إن لم أخرج من البلدِ فلله عليَّ عتقٌ أو صومٌ. وفيه كفَّارَهُ يمينٍ على أظهرِ الأقوالِ؛ لأنَّهُ هو الذي أفتى به الشافعيُّ، والصحابةُ قبلهُ، والتابعونَ، ورجَّحه جمعٌ كثيرٌ من أصحابِهِ، فهو المعتمدُ في الفتوى، وعليه لو أرادَ المكلفُ أن يفعلَ ما التزمَهُ من القربِ أجزأهُ ذلكَ، بل هو أفضلُ إن كانَ أكثر من الكفَّارَةِ، وإن قال: إن دخلتُ الدارَ فعليَّ كفارةُ يمينٍ، أو نذرٌ لزمتهُ كفارةٌ بالدُّخولِ.
(2) الضربُ الثَّاني: نذرُ التبَرُّر، بأن يلتزمَ قربةً إن حدثَتْ نعمةٌ، أو ذهبتْ نِقمةٌ، مثلَ أن يقول: إن شفى اللَّهُ مريضي للَّه عليَّ أَنْ أفعلَ كذا. فيلزمَهُ ذلك إذا حصل المعلَّقُ عليه في حياةِ النَّاذرِ، سواء أكانتْ القربةُ ماليَّةً أو غيرها، وإن كانتِ القُربةُ ماليَّة فتعتبَرُ مع حياةِ الناذِرِ أن يكونَ أهلًا للملكِ، ولم يكنْ عليهِ حجرُ سفهٍ، وإن لم يعلقه بشيءٍ كـ "للَّه عليَّ عتقُ رقبةٍ لما أنعمَ اللَّهُ عليَّ من شفاءِ مريضي"، فإنَّه يلزمُهُ الوفاءُ بالمنذورِ قولًا واحدًا. ذكرَهُ القاضي الحسينُ في "تعليقِهِ"، وهو حسنٌ.
ولا يصحُّ نذر معصيةٍ، ولا واجب العينِ على طريقِ التخصيص، فأمَّا واجبُ الكفايةِ الذي يحتاجُ في أدائها إلى بذلِ مالٍ، ومزيدِ مشقَّةٍ كالجهادِ وتجهيزِ الموتَى، فإنَّه لازمٌ.
وأمَّا واجبُ العينِ على طريقِ العمومِ كما إذا نذرَ الوضوءَ لكلِّ صلاةٍ، فإذا