ومن الصفةِ: كلام اللَّه، وحق اللَّه. إلَّا أن يريدَ بالحقِّ العباداتِ.
وحروفُ القسمِ المشهورةِ (باء، وواو، وتاء) كـ (باللَّه، وواللَّه، وتاللَّه)، ولا تختصُّ التاء باللَّهِ، على معنى أنَّه لا يصحُّ القسمُ شرعًا إلَّا إنْ دخلتْ على اللَّهِ، فلو قالَ: (تالرحمن) انعقدتْ يمينهُ وغايتُهُ أنَّه استعمالٌ شاذًّا.
وكذا لو قالَ: تحياة اللَّهِ، ولو قال: تالرحمن، أو غير ذلك مما سبق، انعقدت يمينه على ما سبقَ نبَّه على ذلك شيخُنا.
ولو قالَ: "اللَّه" ورفع أو نصبَ أو جرَّ فليسَ بيمينٍ، إلَّا بنيَّةٍ، وإذا قالَ: أقسمتُ باللَّه، أو أقسمُ باللَّهِ، أو حلفتُ باللَّهِ، أو أحلفُ باللَّهِ لأفعلنَّ كذا، فيمينٌ إن نواها، أو أطلق، فإن قال: قصدتُ خبرًا ماضيًا أو مستقبلًا يصدَّق باطنًا، ويصدَّقُ ظاهرًا على الأظهرِ إذا لم يُعرف له يمينٌ ماضيةٌ، فإن عُرِف، قُبِل قوله في الظاهر أيضًا بلا خلافٍ.
وإنْ قالَ: لغيرِه: أقسمُ عليه باللَّه ليفعلنَّ كذا، فيمينٌ عندَ الإطلاقِ على الأظهرِ، وإن قال: أسألُك باللَّهِ لتفعلنَّ، وأرادَ يمينَ نفسِهِ فيمينٌ، وإلَّا فلا، وإذا قالَ: إنْ فعلتُ كذا فأنا يهوديٌّ، أو بريءٌ من الإسلامِ، فليسَ بيمينٍ.
ومن سبقَ لسانُهُ إلى لفظِها بلا قصدٍ لم ينعقدْ، ويصحُّ اليمينُ على ماضٍ ومستقبلٍ لا يمنعُ الحنثَ فيه، كقوله: واللَّهِ لا أصعدُ إلى السماء. فلا ينعقد اليمين حينئذٍ على الأصحِّ.
وتكرهُ اليمينُ إلَّا في طاعةٍ، وإلَّا في الأيمانِ الواقعةِ في الدعاوَى، إذا كانتْ صادقة، وإلَّا إذا دعتْ إليهِ حاجةٌ كتوكيدِ كلامٍ وتعظيمِ أمرٍ، ومن ذلك لو ظُنَّ بهِ أو بغيرِهِ سوءٌ، أو جنايةٌ، أو ركوبُ فاحشةٍ، وهو يعلمُ براءتَهُ فحلفَ على نفي ذلك فلا يكرَهُ، بل ينبغي استحبابُ الحلفِ إذا كان يُصَدَّق فيه ليدفعَ ظنَّ السوءِ عن نفسِهِ وعن عِرضِ أخيهِ.