صَاغِرُونَ}، وصحَّت الأحاديثُ بأخذ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الجزية، وأجمع العلماء عليها في الجملة، ولا يعقدها إلَّا الإمام أو مأذونه، وفي الآحادِ وجهٌ شاذٌّ عن كتاب ابن كجٍّ.
وصورة عقدها لمن يريد الإقامة بدار الإسلامِ (?): "أقررتُكُم آمنينَ بدارِ الإسلامِ". أو: "أذنتُ لكم بالإقامةِ في دارِنا غيرَ الحجازِ، على أن تبذلُوا الجزيةَ" ويعيِّنُها رأسَ كلِّ سنةٍ من تاريخِ هذا العقدِ، "وتنقادوا لحكم الإسلامِ الذي نرَاهُ يلزمكم".
ولو أتى بمضارعٍ نحوَ: "أقرُّكُم" وانسلخَ عنِ الوعدِ كفى، ومن يريدُ الإقامةِ ببلادِهِ التي هي في وسطِ بلادِ الحربِ إذا سألُوا عقد الذِّمَّةِ على إقامتِهم عاقدهم عليها، وليسَ عليهِ حينئذٍ منعُهم من الحرمينِ.
ولو عقدَ لنصارَى بلدٍ وليسُوا حاضِرينَ فبلغَهُمُ الخبرُ فرضُوا بذلكَ جازَ، ولو قالَ الكافرُ الذِي يحوزُ بفرسِه بالجزيةِ: "سألتُك أَنْ تؤمنني على كذا" فأمَّنَهُ الإمامُ كفى ذلك. ولو وُجد كافرٌ بدارِنَا فقالَ: دخلته لسماعِ كلامِ اللَّهِ تعالى، أو رسولِه، أو بأمانِ مسلمٍ؛ صُدِّقَ إذَا ادّعى ذلكَ قبلَ أن يَصيرَ في قبضتِنَا أسيرًا، فإنْ ادَّعاهُ بعدَ أن صَارَ في قبضتِنَا أسيرًا لم يقبلْ إلَّا ببينةٍ.
وعلى الإمامِ الإجابةُ إذَا طَلَبُوا إلَّا مَن كانَ أسيرًا حرًّا مكلَّفًا كتابيًّا أو من يلحقُ به على المنصوصِ؛ لأنَّهم صارُوا غنيمةً أو فيئًا، وإلَّا عندَ خوفِ غائلةٍ فيمتنع ولا يعقدُ إلَّا ليهوديٍّ أو نصرانيٍّ أو مجوسيٍّ إن دخل هو أو أحد أصولِهِ في التهوُّدِ أو التنصُّرِ قبلَ الفسخِ، أو شككنا في وقته.
ولا جزيةَ على امرأةٍ وخُنثَى مشكلٍ لم تتبينْ ذكورَتُه، فإنْ بانتْ بعد أن