فيحصلُ لهم العونُ، وإذا اتفقَ لهمْ ذلك عادوا لجهادِ عدوِّهم، جازَ.
وكذلك يجوز لبعضهم أن ينصرفَ متحيزًا إلى الفئةِ البعيدةِ، لوجودِ ما حصلَ من غلبةِ الظنِّ على الأرجحِ، ومحل الجواز إذا لم يجد من جوزنا له ذلك فئةً قريبةً يتحيزُ إليها للعونِ على الجهادِ، فإنْ وجدَ امتنعَ التحيزُ إلى الفئةِ البعيدةِ قطعًا.
ثم المتحيزُ إلى الفئةِ البعيدةِ لا يشاركُ الغانمينَ فيما يغنمونَهُ بعد المفارقةِ، ولا المتحيزُ إلى الفئة القريبةِ على النصِّ، خلافًا لما في "المنهاجِ" (?) تبعًا لأصلِهِ.
فإنْ زادوا على المثلين جازَ الانصرافُ، إلَّا أَنْ يغلبَ على ظنِّ المسلمينَ أنَّهم يغلبونَ عدوَّهُم فظاهرُ المذهبِ وجوبُ المصابرةِ.
وتجوزُ المبارزةُ، فإنْ طلبَهَا كافرٌ استحبَّ الخروجُ إليهِ، وإنما يحسنُ ممنْ جرَّبَ نفسَهُ وعرفَ قوَّتَهُ وجرأتَهُ بإذنِ الإمامِ أو أميرِ الجيشِ، وتجوزُ بغيرِ الإذنِ في الأصحِّ، وأن لا يدخلَ بقتل المبارزِ ضررٌ على المسلمينَ بهزيمةٍ تحصلُ لَهُم، إمَّا لأنَّهُ كبيرهم، أو لأنَّه أَميرُهم الذي تختلُّ بعقده أمورهم. فإن كانَ كذلكَ لمْ يجُزْ أن يبارِزَ.
ولا يستحسنُ المبارزةُ من العبدِ بغيرِ إذنِ سيِّدِه، ولا منَ الولدِ بغيرِ إذنِ أصلِهِ المسلمِ.
ويجوزُ إتلافُ نباتِهم وشجرِهم لحاجةِ القتالِ، والظفرِ بهم، فإنْ علِمنَا أنَّا لا نصلُ إلى الظفرِ بهم إلَّا بفعلِ ذلكِ وجبَ فعلُهُ، كما جزَمَ بِه الماورديُّ، وهو صوابٌ.