وتعريفُ البغاةِ في اصطلاحِ العلماءِ أنَّهم: مخالفو الإمامِ العدلِ بخروجٍ عليه وتركِ الانقيادِ لَهُ، أو امتناعِهم من أداءِ حقٍّ يوجبُه عليهم.
ومنْ صُورِ البُغاةِ: ما نصَّ عليه الشافعيُّ رضي اللَّه عنه في "الأمِّ" (?) و"مختصرِ المزنيِّ" (?) الفرقتانِ منَ المؤمنينَ اللتانِ اقتتلتا فأصلحَ بينهما المؤمنونَ غيرهما، ثم بغتْ أحدهُما على الأخرَى، فهي باغيةٌ، ولم تخرجْ على الإمامِ.
ويشترطُ في البغاةِ أن تكونَ جماعةٌ لهم منعةٌ وتأويلٌ بُطلانِهِ مظنون، ويشترط في الفرقةِ الخارجةِ على الإمامِ وتريدُ خلعهُ وتزيلُ حكمه وتحكم عليه نصب إمام قطعًا، وأما الفرقةُ الخارجةُ على الإمامِ ولا تريدُ خلعهُ ولا إقامةَ غيرِه فلا يشترطُ فيها نصبُ إمامٍ قطعًا، خلافًا لما في "المنهاجِ".
ولو أظهرَ قومٌ رأيَ الخوارجِ كتركِ الجماعةِ وتكفيرِ ذي كبيرةٍ، إن لم يقاتلُوا أو لم يكنْ على المسلمينَ ضررٌ منهم فإنَّهم يُتركون حينئذٍ.
وإن تأولوا وقامتْ لهم شوكةٌ ونصَّبوا إمامًا ولم يجعلهم مرتدينَ وقاتلُوا فلهم حكمُ البغاةِ، كما هو مذهبُ الشافعيِّ.
وأمَّا الذينَ كابرُوا وليسَ لهم تأويلٌ، وأخذوا الأموالَ وسفكُوا الدماءَ على الوجهِ المذكورِ فحكمهم حكمُ قُطَّاعِ الطريقِ.
وتقبلُ شهادةُ البغاةِ إن لم يستحلُّوا دماءَ أهل العدلِ وأموالَهم، ويُقبلُ قضاءُ قاضيهم فيما يقبلُ قضاءُ قاضينا إلَّا أن يستحل الحكمَ بالباطلِ ليتوصَّل بذلك إلى إراقةِ دمائِنَا بالباطلِ، وإتلافِ مالنا ونحو ذلك، ولو وردَ من قاضِي